"أثناء النّهار، أكتُب، وأنتقل بين الكتب متصفِّحاً، معيداً ترتيبها، أفسح للحديث منها مكاناً، وأعيد تشكيل الأقسام لتوفير حيّز جديد، الكتب الجّديدة الوافدة يُرحّب بها بعد فترة من الفحص، إذا كان الكتاب مستعملاً، أدع كلّ الإشارات التي دُوِّنت عليه على حالها، الآثار التي يتركها القارئ السّابق: رفاق السّفر الذين سجلوا مرورهم بالتعليقات المخربشة، اسم ما على الصّفحة البيضاء الفارغة في بداية ونهاية الكتاب، بطاقة قطار لتأشير صفحة معينة، سواء كانت قديمةً أو جديدةً، الإشارة الوحيدة التي أُناضل لإزالتها من كتبي وغالباً دون نجاح يُذكر هي لصقة السّعر التي يضعها بائعو الكتب الحقودين على ظهرِ الكتاب، هذه الدّملة الشّيطانية الصّغيرة التي لا تستأصل بسهولة، فهي تُخلِّف ندوباّ مجذومة وآثاراً من مادة لزجة يلتصق بها الغبار والزّغب بعد فترة من الزمنِ، تجعلني أتمنَّى لو كان لديّ ممسحة جهنَّمية أحكم بها على هؤلاء الذين اخترعوا هذه اللصقات."
1948-03-13 الأرجنتين