"دونَ ضجيجٍ اختفوا في أرجاء البيت، ما عادوا ينتظرونَ شيئاً. كانوا قد قادوني إلى المريض، لكنني لم أعرفه. قالَ: الحمد لله. الآن ـ وغابَ في أفكاره كانَ عليّ أن أغادر منذُ زمنٍ بعيد وما أخّرني إلا انتظارك. كم تُقلقينني في نوباتِ هذياني؛ كلماتك كلها لا تفارق ذاكرتي أخبريني: أليسَ بإمكانك أن تغفري؟ قلتُ: بإمكاني! تراءى لي أن الجدران تتوهّج من الأرض حتى السقف. وعلى ملاءةٍ حريرّية انطرحتْ يدٌ جافة. أصبحَ البروفيل الوحشي المُلقى جانباً أكثر ثقلاً وخشونةً وما عادَ صوتُ الأنفاس يُسْمَع عند شفتيهِ القاتمتين المجعّدتين. وفجأةً انبعثتْ في عينيهِ الزرقاوين قوّة أخيرة: حسنٌ، أنكِ أطلقتني ما كنتِ دائماً بمثلِ هذه الطيبة وعادَ وجهُهُ شاباً فعرفتُهُ من جديد. وقلتُ: يا ربيّ هو ذا عبدُك فتقبّلهُ"
1889-06-23 روسيا